الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
/ فأجاب: إن كان النكاح الأول فسخ لتعذر النفقة من جهة الزوج، وانقضت عدتها، ثم تزوجت الثاني، فنكاحه صحيح. وإن كانت تزوجت الثاني قبل فسخ نكاح الأول، فنكاحه باطل. وإن كان الزوج والزوجة علما أن نكاح الأول باق، وأنه يحرم عليهما النكاح، فيجب إقامة الحد عليهما. وإن جهل الزوج نكاح الأول، أو نفاه، أو جهل تحريم نكاحه قبل الفسخ، فنكاحه نكاح شبهة، يجب عليه فيه الصداق، ويلحق فيه النسب، ولا حد فيه، وإن كانت غرته المرأة أو وليها فأخبره أنها خلية عن الأزواج، فله أن يرجع بالصداق الذي أداه على من غره في أصح قولي العلماء.
فصل إذا خلا الرجل بالمرأة فمنعته نفسها من الوطء ولم يطأها، لم يستقر مهرها في مذهب الإمام أحمد ـ الذي ذكره أصحابه ـ كالقاضي أبي يعلى، وأبي البركات، وغيرهما ـ وغيره من الأئمة الأربعة: مالك، والشافعي، وأبي حنيفة. وإذا اعترفت بأنها لم تمكنه من وطئها لم يستقر مهرها باتفاقهم. ولا يجب لها عليه نفقة مادامت كذلك باتفاقهم. وإذا كانت مبغضة له مختارة سواه فإنها تفتدي نفسها منه.
فأجاب: الحمد لله، تزوج العبد بغير إذن سيده ـ إذا لم يجزه السيد ـ باطل باتفاق المسلمين، وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيما عبد تزوج بغير إذن موإليه فهو عاهر)، لكن إذا أجازه السيد بعد العقد صح في / مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين، ولم يصح في مذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى. وإذا طلب النكاح فعلى السيد أن يزوجه لقوله تعالى:
فأجاب: لا يبطل حق بمجرد ذلك، وللورثة أن يطلبوا منها ثمن الملك الذي اعتاضت به، إذا أقرت بأن قبض صداقها قبل ذلك. وكان قد أفتى طائفة بأنه يرجع عليها بالذي اعترفت بقبضه من التركة، وليس بشيء؛ لأن هذا الإقرار تضمن أنها استوفت صداقها، وأنها بعد هذا الاستيفاء له أحدثت ملكًا آخر، فإنما فوتت عليهم العقار، لا على المشتري.
/فأجاب: ليس لها أن تمتنع من تسليم نفسها والحال هذه باتفاق الأئمة، ولا خالتها ولا غير خالتها أن يمنعها، بل تعزر الخالة على منعها من فعل ما أوجب الله عليها، وتجبر المرأة على تسليم نفسها للزوج.
فأجاب: إذا كان معسرًا لم يجز مطالبتها له حتى يوسر، وإذا شهدت بينة بذلك سمعت، بل القول قوله مع يمينه إذا لم يعرف له مال في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما.
/فأجاب: حق الزوجة ثابت لها المطالبة به لوجهين: أحدهما: أن مجرد دعواه الرق لا يسقط حقها والحال ما ذكر؛ فإن الأصل في الناس الحرية، وإذا ادعي أنه مملوك بلا بينة ولم يعرف خلاف ذلك، ففي قبول قوله ثلاثة أقوال للعلماء في مذهب أحمد وغيره: أحدها: يقبل فيما عليه دون ماله على غيره، كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في قول لهم. والثاني: لا يقبل بحال، كقول من قال ذلك من المالكية، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. والثالث: يقبل قوله مطلقًا، وهو قول الشافعي ورواية عن أحمد، فإذا كان مع دعوي المدعي لرقه لا يقبل إقراره بما يسقط حقها عند جمهور أئمة الإسلام: فكيف بمجرد دعواه الرق؟وكيف وله خير وإقطاع، وهو منتسب، وقد ادعي الحرية حتى زوج بها؟ الوجه الثاني: أنه لو قدر أنه كذب ولبس عليها وادعي الحرية حتى تزوج بها ودخل، فهذا قد جني بكذبه وتلبيسه، والرقيق إذا جني تعلقت جنايته برقبته: فلها أن تطلب حقها من رقبته، إلا أن يختار سيده أن يفديه بأداء حقها، فله ذلك.
فأجاب: أما وليمة العرس فهي سنـة، والإجابـة إليها مأمـور بها وأمـا وليمة المـوت فبدعة، مكـروه فعلها، والإجابة إليها. وأما وليمة الختان فهي جائزة: من شاء فعلها، ومن شاء تركها. وكذلك وليمة الولادة إلا أن يكون قد عق عن الولد؛ فإن العقيقة عنه سنة. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، أما وليمة العرس فسنة مأمور بها باتفاق العلماء، حتى إن منهم من أوجبها؛ فإنها تتضمن إعلان النكاح وإظهاره، وذلك يتضمن الفرق بينه وبين السفاح واتخاذ الأخدان؛ ولهذا كانت الإجابة إليها واجبة عند العلماء عند شروط ذلك وانتفاء موانعه. وأما دعوة الختان فلم / تكن الصحابة تفعلها، وهي مباحة ثم من العلماء أصحاب أحمد وغيره من كرهها. ومنهم من رخص فيها، بل يستحبها. وأما الإجابة إليها، فإن كل من فعلها أثم. ومنهم من استحبها. ومنهم من لم يستحبها. ومنهم من كره الإجابة إليها ـ أيضًا. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، لم ينقل هذا أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة؛ وإنما ذكروا أنه رؤي في المنام يقول ذلك، وليس هذا على الإطلاق صحيح. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، معناه: الذي يدخل إلى دعوة بغير إذن أهلها، فإنه يدخل مختفياً كالسارق، ويأكل بغير اختيارهم، فيستحون من نهيه، فيخرج كالمغير الذي يأخذ أموال الناس بالقهر. والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد لله، الأفضل أن يتنفس في الشرب ثلاثًا، ويكون نفسه في غير الإناء، فإن التنفس في الإناء منهي عنه، وإن لم يتنفس وشرب بنفس واحد جاز، فإن في الصحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الإنـــاء ثلاثًا وفي رواية لمسلم: كان يتنفس في الشراب ثلاثًا، يقول: (إنه أروي وأمري)، فهذا دليل على استحباب التنفس ثلاثًا. وفي الصحيحين عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شرب أحدكم / فلا يتنفس في الإناء)، فهذا فيه النهي عن التنفس في الإناء. وعن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن التنفس في الشراب، فقال الرجل: القذاة أراها في الإناء، فقال: (أهرقها) قال: فإني لا أروي عن نفس واحد، قال: (فأبن القدح عن فيك). رواه الترمذي وصححه. فلم ينه النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب بنفس واحد، ولكن لما قال له الرجل: إني لا أروي من نفس واحد قال: (أبن القدح عن فيك) أي: لتتنفس إذا احتجت إلى النفس خارج الإناء. وفيه دليل على أنه لو روي في نفس واحد ولم يحتج إلى النفس جاز. وما علمت أحدًا من الأئمة أوجب التنفس، وحرم الشرب بنفس واحد. وفعله صلى الله عليه وسلم يدل على الاستحباب، كما كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ولو بدأ في الطهارة بمياسره قبل ميامنه كان تاركًا للاختيار، وكان وضوؤه صحيحًا من غير نزاع أعلمه بين الأئمة. وأما الشرب قائمًا فقد جاءت أحاديث صحيحة بالنهي، وأحاديث صحيحة بالرخصة؛ ولهذا تنازع العلماء فيه، وذكر فيه روايتان عن أحمد، ولكن الجمع بين الأحاديث أن تحمل الرخصة على حال العذر. فأحاديث النهي مثلها في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الشرب قائمًا وفيه / عن قتادة عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائمًا. قال قتادة: فقلنا: الأكل؟فقال ذاك شر وأخبث. وأحاديث الرخصة مثل حديث ما في الصحيحين عن على وابن عباس قال: شرب النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا من زمزم وفي البخاري عن علي: أن عليا في رحبة الكوفة شرب، وهو قائم. ثم قال: إن ناسًا يكرهون الشرب قائمًا، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. وحديث على هذا قد روي فيه أثر أنه كان ذلك من زمزم، كما جاء في حديث ابن عباس، هذا كان في الحج، والناس هناك يطوفون ويشربون من زمزم، ويستقون ويسألونه، ولم يكن موضع قعود، مع أن هذا كان قبل موته بقليل، فيكون هذا ونحوه مستثني من ذلك النهي، وهذا جار عن أحوال الشريعة: أن المنهي عنه يباح عند الحاجة، بل ما هو أشد من هذا يباح عند الحاجة، بل المحرمات التي حرم أكلها وشربها كالميتة والدم تباح للضرورة، وأما ما حرم مباشرته طاهرًا ـ كالذهب والحرير ـ فيباح للحاجة، وهذا النهي عن صفة في الأكل والشرب، فهذا دون النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة، وعن لباس الذهب والحرير؛ إذ ذاك قد جاء فيه وعيد، ومع هذا فهو مباح للحاجة، فهذا أولى. والله أعلم.
/ فأجاب: أما مع العذر فلا بأس، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من ماء زمزم وهو قائم. فإن الموضع لم يكن موضع قعود، وأما مع عدم الحاجة فيكره؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عنه. وبهذا التفصيل يحصل الجمع بين النصوص. والله أعلم.
فأجاب: الحمد لله، قوله: أكل العنب: دو، دو كذب؛ لا أصل له، وأما البطيخ فقد كانوا يأكلون البطيخ، لكن المشهور عندهم كان البطيخ / الأخضر، وما ينقل عن الإمام أحمد: أنه امتنع عن أكل البطيخ؛ لعدم علمه بكيفية أكل النبي صلى الله عليه وسلم، كذب على الإمام أحمد. كان صلى الله عليه وسلم يأكل فاكهة بلده ما قدمت له فاكهة فترك أكلها لا على سبيل الزهد الفاسد، ولا على سبيل الورع الفاسد، بل كان لا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، ويتبع قوله تعالى:
|